عاجل. هذا ما قاله "الرميد" بمناسبة تقديم: " دليل استرشادي لقضاة النيابة العامة في مجال مناهضة التعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة."
ثانياً: لها وظيفة استشارية تتضمن تقديم المساعدة والمشورة إلى الدول الأطراف بشأن إنشاء الآليات الوقائية الوطنية، التي يقتضي البروتوكول الاختياري أن تقوم بإنشائها، وكذلك تقديم المشورة والمساعدة إلى كل من الآلية الوقائية الوطنية والدولة الطرف فيما يتعلق بعمل الآلية الوقائية الوطنية.
إضافة إلى ذلك، تم إحداث آلية المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة بموجب قرار صادر عن لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة (القرار رقم 33/1985). وتشمل ولايته ثلاثة أنشطة أساسية:
أولا: إحالة المناشدات العاجلة إلى الدول فيما يتعلق بأفراد قيل بأنهم يواجهون خطر التعرض للتعذيب، علاوة على مراسلات بشأن حالات تعذيب مزعومة في الماضي؛
ثانيا: الاضطلاع بزيارة تقصي حقائق قطرية؛
ثالثا: تقديم تقارير سنوية عن أنشطته وولايته ومنهجية عمله إلى مجلس حقوق الإنسان والجمعية العامة.
وإضافة إلى ما سلف، وسعيا من المنتظم الدولي إلى دعم مجهودات الدول في مجال مناهضة التعذيب، فقد تم اعتماد برتوكول إسطنبول لسنة 2004، والذي يعد دليلا للتقصي والتوثيق الفعالين للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.
وقد كانت الغاية من هذا الدليل تمكين الدول من الاستجابة لواحد من أهم انشغالاتها في مجال حماية الأفراد من التعذيب وسوء المعاملة، ألا وهو التوثيق الفعال، وذلك نظرا لما للتوثيق من أهمية في إخراج أدلة التعذيب وإساءة المعاملة إلى النور وبالتالي محاسبة مرتكبيها على تصرفاتهم وخدمة العدالة.
وفي هذا الصدد صادقت المملكة على الاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة بتاريخ 26 يونيو 1993، وانضمت إلى البرتوكول الاختياري الملحق بها في 24 نونبر 2014.
وفي إطار الوفاء بالتزاماتها الدولية ودعما لمسار بناء دولة الحق والقانون، عرفت المملكة المغربية تطورا معياريا في مجال حقوق الإنسان من خلال تبني دستور مغربي جديد سنة 2011 الذي رسخ من خلال مضامينه، مبادئ وقيم حقوق الإنسان وجرم التعذيب والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، وجعل من الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب، وفي نطاق أحكام الدستور، وقوانين المملكة، وهويتها الوطنية الراسخة، تسمو، فور نشرها، على التشريعات الوطنية.
فقد نص الفصل 22 من دستور 2011 على أنه "لا يجوز المس بالسلامة الجسدية والمعنوية لأي شخص، وفي أي ظرف كان، ومن قبل أي جهة كانت، خاصة أو عامة. ولا يجوز لأحد أن يعامل الغير، تحت أي ذريعة، معاملة قاسية أو لا إنسانية أو مهينة تحط بالكرامة الإنسانية" كما اعتبر هذا الفصل أن " ممارسة التعذيب بكافة أشكاله، ومن قبل أي أحد، جريمة يعاقب عليها القانون."
وقد رحّب المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بمناهضة التعذيب بإدراج هذه المبادئ ضمن الدستور وبالاستعداد البين الذي أظهرته السلطات المغربية لإعطائها الصدارة، كما برزت تجليات حرص المغرب على التفاعل الإيجابي مع مختلف آليات الأمم المتحدة الحمائية والوقائية في مجال حقوق الإنسان وبالأخص المرتبطة منها بمناهضة ومنع التعذيب، في أن بلادنا استقبلت المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بمناهضة التعذيب سنة 2012، كما استقبلت اللجنة الفرعية لمنع التعذيب خلال الفترة الممتدة من 22 إلى 28 أكتوبر 2017.
ولقد شكل إجراء هذه الزيارة، تأكيدا للعالم أنه لا يوجد لدينا ما نخفيه في موضوع التعذيب، وأن المملكة المغربية قد قطعت مع الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، وحققت مكتسبات هامة كرسها دستور 2011، وكذا الأوراش الإصلاحية المنبثقة عن تنفيذ مقتضياته، وأنه في حالة ثبوت وجود خروقات تتعلق بحالات فردية تخص التعذيب أو سوء المعاملة، فإنها تبقى حالات معزولة وليست ناتجة عن سياسة ممنهجة للدولة، وأنها تعالج في إطار الضوابط القانونية، وتخضع لمراقبة السلطة القضائية، ويترتب عن ثبوتها إقرار المسؤولية.
وفي نفس السياق، فلقد تمت الاستجابة لمختلف التوصيات الأممية وتوصيات المقرر الخاص الصادرة في هذا الباب، وذلك من خلال مراجعة تعريف التعذيب في مشروع القانون الجنائي انطلاقا من أهم المرجعيات المعيارية الدولية وفي مقدمتها الاتفاقية الأممية لمناهضة التعذيب وتوصيات المقرر الخاص المعني بمناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.
وزاد في قوله "كما أنه ونظرا لخطورة جريمة التعذيب فقد ألغى دستور2011 التدرع بالحصانة فيما يتصل بهذه الجريمة، وذلك بمقتضى الفصل 22 منه المشار إليه أعلاه، ومن جهة أخرى فإنه ينتظر أن يتضمن مشروع قانون المسطرة الجنائية مقتضيات تنظم حضور المحامي مع الشخص المودع رهن الحراسة النظرية وفق ما تقضي بذلك التوصيات الأممية الموجهة إلى بلادنا في هذا الشأن، هذا وسعيا من المغرب إلى تعزيز المشهد القانوني والمؤسساتي المعني بحقوق الإنسان يضيف الوزير المكلف بحقوق الإنسان "تم اعتماد القانون المتعلق بإعادة تنظيم المجلس الوطني لحقوق الإنسان وفق أحكام الفصلين 161 و171 من الدستور، والذي خول المجلس اختصاصات الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب، وهي الآلية التي تم تنصيبها من طرف المجلس الوطني لحقوق الإنسان خلال انعقاد دورته الأولى بتاريخ 21 شتنبر 2019.، مردفا "وينتظر أن تسهر هذه الآلية الوطنية على دراسة وضعية وواقع معاملة الأشخاص المحرومين من حريتهم من خلال القيام بزيارات منتظمة لمختلف الأماكن التي يوجد فيها أشخاص محرومون أو يمكن أن يكونوا محرومين من حريتهم، بهدف تعزيز حمايتهم من التعذيب ومن ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة. وإعداد كل توصية من شأن العمل بها تحسين معاملة وأوضاع الأشخاص المحرومين من حريتهم والوقاية من التعذيب، ثم تقديم كل مقترح أو ملاحظة بشأن التشريعات الجاري بها العمل أو بشأن مشاريع أو مقترحات القوانين ذات الصلة بالوقاية من التعذيب، مشيرا إلى أن إصلاح العدالة يمثل دعامة أساسية لتوطيد الشفافية والمصداقية في المؤسسات وبناء الديمقراطية الحقة، كما جاء في خطاب جلالة الملك المؤرخ في 9 مارس 2011، الذي أعلن فيه عن إجراء إصلاح دستوري شامل من خلال سبعة مداخل رئيسية، من ضمنها " الارتقاء بالقضاء إلى سلطة مستقلة، وتعزيز صلاحيات المجلس الدستوري توطيدا لسمو الدستور، ولسيادة القانون، والمساواة أمامه، موضحا "وتكريسا لذلك، وبالإضافة إلى توسيع مجال الحقوق والحريات والإعلاء من شأنها، خصص دستور المملكة، الباب السابع للسلطة القضائية التي غدت سلطة مستقلة عن السلطتين التشريعية والتنفيذية، علاوة على تخصيص الباب الثامن للمحكمة الدستورية التي توسعت اختصاصاتها وتعززت شروط تعيين أعضائها، مؤكدا على الإنجاز التاريخي لبلادنا والذي ينبغي التنويه والاعتزاز به والمتمثل في تنصيب جلالة الملك للمجلس الأعلى للسلطة القضائية يوم 06 أبريل 2017، وكذا انتقال سلطة رئاسة النيابة العامة من لدن وزير العدل إلى الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض يوم 06 أكتوبر 2017. وما ترتب عن ذلك من استقلال مؤسساتي للسلطة القضائية يزكي ذلك ويضمنه قانونان تنظيميان لكل من المجلس الأعلى للسلطة القضائية والنظام الأساسي للقضاة يستجيبان للمعايير الدولية الراقية كما شهدت بذلك المرجعيات الأوروبية المعتمدة في افتحاص القوانين الأوروبية ذات العلاقة بالموضوع.