قال محمد بنعليلو وسيط المملكة اليوم السبت في لقاء نظمته مؤسسة وسيط المملكة في المعرض الدولي للنشر والكتاب بالدارالبيضاء في دورته 26 تحت عنوان : "الرفع من جودة خدمة المواطن، هدف مؤطر لرؤية الوسيط في أفق 2023 "، "يسرني أن أرحب بكم جميعا، وأن أشكر لكم تلبية الدعوة لحضور هذا اللقاء الذي تنظمه مؤسسة وسيط المملكة، في فضاء دولي، يعتبر من أهم الفضاءات الثقافية التي تقام ببلادنا بدلالاته المختلفة، مضيفا "لقاء نريد أن نجعل منه تقليدا راسخا لاستقبالكم، لنتقاسم معكم خلاصات التراكمات الفكرية التي حققتها المؤسسة في القضايا ذات العلاقة بالحكامة المرفقية، من خلال ما عالجته من تظلمات، وما رصدته من إشكاليات ترهق كاهل المواطنين في علاقاتهم الإدارية.
- هل ما نقوم به، أو نصرح به أو نقرره يعود بالفائدة بشكل مباشر على المواطن أو المرتفق؟
- كيف يمكن جعل المرتفق عاملا من عوامل التغيير؟
- كيف نحول الحاجة إلى الإصلاح من قفزة نحو المجهول، إلى تقديم خدمة تستجيب بشكل أفضل لتطلعات المرتفقين واحتياجاتهم؟
أسئلة كثيرة تتبادر إلى الأذهان ويتردد صداها داخل كل واحد منا بحثا عن «مفهوم جديد للمرفق العمومي» وبالتالي للخدمة المرفقية.
لذا سأحاول في هذه الورقة، مقاربة العناصر الرئيسية لهذا النقاش من زاويتين أساسيتين:
- الأولى: تتعلق بمنظور المؤسسة لـ «منسوب ثقة» المرتفق في أداء الإدارة.
- الثانية: تخص رؤية المؤسسة لـ «تدبير الجودة» في أداء الإدارة في غياب ميثاق المرتفق وبارومتر الجودة داخل إداراتنا.كل ذلك، على ضوء نتائج تحليل مختلف البيانات المتوفرة لدى المؤسسة والتي أضعها بين أيديكم باختصار شديد كما يلي:
75188 شكاية سجلت بمؤسسة الوسيط خلال الفترة من 2011 إلى 2018؛
بمعدل تسجيل سنوي وصل إلى 9398 شكاية في السنة، وبنسبة زيادة سنوية متوسطة في حدود 3%؛
شكايات همت مختلف الفئات (أفراد طبيعيين 80%، أشخاص معنوية 6%، مجموعات أشخاص 14%)، نساء ( 22%) ورجال (78%)؛
شكايات شملت مختلف المواضيع (إدارية (10708/ 61,6%)، مالية (1751/10%)، وعقارية (3005/17,3%) وتنفيذ أحكام (1448/8,3%)؛
شكايات همت جل القطاعات، وعمت مختلف الجهات الترابية؛
شكايات انتهت بإصدار المؤسسة لما مجموعه 1941 توصية، بنسبة زيادة سنوية متوسطة بلغت 14,2%.
إخلالات، من كثرة تكرارها، أصبحت توصف بالجديدة القديمة، همت وثائق التعمير، نزع الملكية، الاعتداء المادي، دور الصفيح وإعادة الإسكان، المعاش، تصفية الصفقات، اللاتمركز الإداري، التغطية الصحية ...إلخ.
ومع ذلك أيضا، لا أحد منا يختلف حول ضرورة اعتبار نقاش علاقة المواطنين بخدمات المرافق العمومية، يجب أن ينظر إليه بالضرورة عبر منظور أوسع يأخذ بعين الاعتبار معايير الجودة، جودة الخدمة الإدارية.
لأن العامل الحاسم في الخدمات الإدارية، حضرات السيدات والسادة، لا يتجلى في تعددها وتنوعها، بل في مستوى جودتها الذي ينبغي أن يمثل هدفا يجب الاشتغال والانكباب عليه على جميع المستويات.
إن جودة الخدمات الإدارية لا يمكن قياسها بما يسن من قوانين، ولا بما يعلن عنه من برامج، ولا بحجم الأعمال المنجزة ولا حتى بقيمة الميزانيات المرصدة فقط، بل بما تحققه من شعور بالرضا والمساواة لدى المواطن، مما يستدعي استحضار معايير الجودة في كل خدمة، مؤكدا " أن العديد من المبادرات قد انطلقت، في مجال الاصلاح الإداري، عبر تفعيــل سياســة تقريب الخدمات من المواطنين، وتبسيط المساطر، وتكريس مبــادئ الشــفافية والتقيــيم والمحاسبة، لكن هل بالفعل حققت هدف رضا المرتفق عن الخدمات المقدمة؟
إن ما تم الوقوف عليه من اختلالات وما يسجل يوميا من تشكيات، يجعلنا نؤكد أن المواطن لا يلمس تمتعه التام بحقوقه المرفقية، ولا يشعر، بأنه هدفا لكل هذه البرامج والسياسات الإصلاحية، وهو ما يؤدي إلى تعطيل المبادرات، وازدياد درجة الاستياء، مضيفا "إن ما نلمسه يوميا من خلال شكايات المواطنين، وما يروج في بعض شبكات التواصل الاجتماعي، يعطي الانطباع بأن الانتظارات قوية، في الوقت الذي تهتم فيه المبادرات في أبعد تقدير بالجانب الكمي للخدمة المقدمة، بعيدا عن مقاربة الجودة في تقديم هذه الخدمات.
لقد حان الوقت ونحن نعيش مرحلة التفكير في نموذج تنموي جديد، أن نوجد لمفهوم جودة الخدمة الإدارية محلا ضمن تصوراتنا لإصلاح الإدارة، موضحا "لأننا على يقين بكون البناء المفاهيمي لضمان الجودة، يتأسس في جزء كبير منه على مقاييس الكفاءة التنظيمية التي ظهرت في القطاع الخاص وما يرافقه من مصطلحات "الفعالية" "والنجاعة"، فإننا نؤكد أن الإدارة مطالبة بإعادة التفكير والابتكار لإدخال معايير الجودة في تنظيمها كما في أدائها، مطالبة بتجاوز منطق الإنتاجية، إلى منطق إدارة الجودة الشاملة ورضا المرتفقين.